من طرف fadi-84- الأحد 17 أكتوبر 2010 - 16:45
أما بالنسبة لقصة حرب الفكاهة بين حمص وحماه
الصراحة انا ما بعرف لكن قرآت مقالة عن عالموضوع وما بعرف اذا مظبوطة
على كل حال هاي المقالة نقلتها متل ما هي
النكات بين حمص وحماة
إعداد : محمد مخلص حمشو
ثقافة
الأحد: 24-5-2009
ما اجتمعت المودة والحميمية والحب والتواصل بين مدينتين مثلما اجتمعت بين أهالي حمص وحماة
فهما مدينتان متجاورتان والمسافة بينهما أقل من خمسين كيلو متراً, ويمر بهما نهر العاصي, وكم كانت تحلو ( السيارين) على ضفافه سواء في ميماس حمص أو بساتين حماة المطلة على النواعير, حيث كان يحلو المزاح وتستحسن النكت وخاصة مابين البلدين وذلك لتقطيع الوقت وجلب البسط.
والنكات بين حمص وحماة فلكلور يعبر عن أدب غير مكتوب, وثقافة شعبية غير مدونة, بل وأدب شفاهي غير مسجل, لأنه ارتبط مع الحياة والمعيشة اليومية ومع عادات وتقاليد البلدين, إنه الميراث الذي يبعث روح الألفة والمودة والمحبة والتواصل.
لقد جرت هذه النكات جري المثل الشعبي وانطلقت بصياغة يسهل تناولها وحفظها وتداولها فكانت صافية صفاء النفوس تخص كل الناس على مختلف أطيافهم لأنها مستمدة من بيئتهم المشتركة , ومن سلوكهم وعاداتهم وكان بين أهالي المدينتين من التزاوج والقرابة والزيارات وتشابه الأعياد وطقوسها مايشكل لوحة فسيفساء رائعة متكاملة, بل ويذكر التاريخ عن أهلي المدينتين أن الفرد من أي بلد منهما يربأ بنفسه من أن يخوض غمار مهاترات ومنافرات وخلافات حقيقية مع أخيه من البلد الآخر, وربما كانت في بعض الأحيان تحصل خصومة بينهما تبتدئ ضارية لكنها ماتلبث أن تهدأ ويحل جو من الود والمصاحبة, ويذكر أنه لايكون في الخصومة عداء وشحناء ولاقبيح قول أو مرَّ كلام, وفي النهاية لابد أن ينتهيا كصديقين , وكان من يريد أن يرمي بينهما خلافاً أو عداوة يبدو كمن يصب الماء في الغربال , والسؤال الذي يفرض نفسه: مامرد وصمة أهل حمص بقلة العقل والخبال؟ هل لجغرافية حمص وموقعها دور في ذلك أم كان الدور للعاصي والذي هو بالغ الأهمية في الترابط الاجتماعي بين الحماصنة والحموية؟ هل كان العاصي نفسه محط خلاف كبير عندما اتهم الحمويون الحماصنة أنهم يساهمون في اتساخه قبل وصوله إلى حماة؟! أم السبب أن الحمصيين يحاولون منع مياه العاصي أن تصل إلى حماة؟! فوصفهم أهل حماة بالخبال؟؟ أم هل كانت الفتحة في جبال لبنان التي تسرب الرياح الشديدة فتتجه نحو حمص سبباً في أن تجعل من الحمصي أشبه بمن يقرأ صحيفة في شارع في يوم عاصف؟ أم مرد ذلك إلى التاريخ حين كان الحمصي يتصنع الخبل حتى يتهرب من السوق إلى الجندية في الجيش العثماني, أو يتهرب من دفع الضرائب التي أثقلت كاهل الأهالي في ذاك الزمن الظالم ؟! يذكر التاريخ أن ابن حوقل والمقدسي في القرن السادس وصفا أهل حمص بالخبال والحمق وكرر ذلك ياقوت الحموي في القرن السابع والذي كان متحاملاً على أهل حمص فوصفهم بالخبال والحماقة, وجعلها الحريري في مقاماته, وابن الوردي في خريدته رقاعة, ولكنهم في الحقيقة لايختلفون عن أهل الشام في الفطانة والنباهة بل وما برحت حمص تنجب من الشعراء والفضلاء عدداً غير يسير, والسؤال لماذا طال ترديد هذه الوصمة عن أهل حمص ووصلت ذيولها حتى عهدنا هذا, بل لماذا أكثر الجغرافيون ووصفوا أهل حمص بقلة العقل وأيدهم بذلك شيخ الربوة شمس الدين الدمشقي في القرن الثامن مع أن ظاهرة الخبل ربما تظهر في أي مدينة أخرى غير حمص من مدن الشام, ويقول أحمد وصفي زكريا في كتابه جولة أثرية عن سبب حمق أهل حمص على لسان أحد فضلائها :
( إن الحمصيين كانوا في العصور الإسلامية الأولى ذوي أنفة وعصبية, جعلتهما يثبون مراراً ضد عمال الأمويين والعباسيين , فتأتيهم الجيوش للتأديب والتنكيل , فمن كثرة الضربات التي أنزلت بهم وشدتها صار من يريد أن يتخلص من تبعة هذه الفتن الموقدة يتظاهر بالبله والخبال مدة مديدة, وتعدى هذا التظاهر بعد حين إلى الخلاف على البيوع والعقود وغيرها, يتوسل به من يريد الإيهام, ولما كثر عدد هؤلاء المتظاهرين, صار الغرباء يظنون شيوع ذلك في كافة أهل حمص, وتناقلت الألسن هذه الشائعة ولم يعد في الإمكان التقاطها: ص 336 كما يأخذ الحمصيون على الحمويين أن في أهالي حماة يكثر القرع وأمراض العيون, وتلك حقيقة ذكرها وصفي زكريا في كتابه رحلة أثرية ص 261 وقال إن مرد ذلك يعود لكثرة العجاج في حماة وشدة الحرارة والرطوبة في فصل الصيف وقلة العناية الصحية , وبغض النظر عن هذه الأسباب والادعاءات فقد قامت النكات بين البلدين وتناقلتها الألسن بكل ظرافة ولطافة..
كان الحماصنة والحمويون في السهرات المشتركة , يتناجزون فيما بينهم, فأهل حماة يعتبرون أنفسهم سادة الفرسان ورؤوس الحرب والفتح والطعان, ويتصف الحمويون أن طبعهم ناري, وصوتهم عال , وأهل حمص يعتبرون أنفسهم بالمقابل أهل الفصاحة والسماحة والعلم والتفكير والرزانة والطبع الهادئ والصوت الخافت , وربما كان , في بعض الأحيان ,وقع نكات الحمويين على الحماصنة كلسعة سوط , يقابلها العكس وقع نكات أهل حمص على الحموية كلسعة نحل العسل , وفي النتيجة يضحك الاثنان.
ومن الملح والنوادر , بين حمص وحماة, المعارضات الزينية على المنظومات الهلالية . حيث كان الشاعر محمد بن الشيخ محمد الهلالي شاعراً من حماة وأديباً لامعاً بليغاً , وكان بطبعه ميالاً للجمال مفتوناً بمحاسن النساء كثير التغزل بهن في القدود والخدود والنحور, ومجيداً لوصف الخمور والمسكرات وإليه تنسب المنظومات الهلالية .
وأما الشيخ مصطفى زين الدين الحمصي فقد ولد في حمص وكان صالحاً تقياً حافظاً للقرآن والشعر والتاريخ بل وموسيقياً ذاع صيته وانتشرت شهرته وتولع به الخاصة والعامة . فهو نديم الشعراء والبلغاء وله عندهم منزلة عظيمة وإليه تنسب المعارضات الزينية. وكان معارضاً لشاعر حماة الهلالي الذي تناقلت شعره الناس
بين إعجاب وإطناب وإطراب , وكان شاعر حمص الزيني يعارض شاعر حماة بكل بيت من قصائده وعلى نفس القافية وبحر الشعر , ولكن المضحك أن الحموي يتغزل بالحور والبدور والخدود والعيون والنحور والحمصي يتغزل بالموائد والقدور .
كان الشاعر الحموي الهلالي يمدح الأكابر والأمراء والأعيان, والحمصي يمتدح لحم الضان والألبان وكان شديد الولع بالمآكل واللحوم , وهذا ما أوغر صدر الهلالي فازداد منه ضجراً لإهمال نظمه , ففي كل مرة يروى شعر الهلالي ومعارضة الزيني لا يبقى أحد من السامعين إلا ويغشى عليه من الضحك, وينتقل الشعر والمعارضة بين الناس بسرعة البرق .
وهذا الهلالي يقول :
نبه الندمان صاحي إن داعي الأنس صاحي
حيث من أيدي الملاح لاح نجم الكاس لاح
ويعارضه الزيني :
قدم الخرفان ناحي إن داعي البطن ناح
حيث من لحم الأضاحي راح هم الجوع راح
وتطول أشعار الهلالي وتطول معها معارضات الزيني , ولكن أحلاها ما كان في المحاكمة بين الهلالي والزيني أمام متصرف حماة , حيث كان الحمصي يغلب عليه برودة القلب , وطول البال, وبديهية الجواب , ويقابله الحموي بشدة الغيظ والغضب
ونيرانية الطبع , حتى كان الحضور يغشى عليهم من كثرة الضحك لدرجة أن البعض منهم يفترش الأرض ...
أيام مرت , وذكريات مضت ولكنها ما زالت ماثلة في الذاكرة الشعبية , وملح ونكات تثير الضحك كلما ذكرت لم تفقد رونقها أو يكمد بريقها رغم تكرارها ومضي السنين