هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    العذاب ليس له طبقة

    *نورالشام*
    *نورالشام*
    سندريلا المنتدى
    سندريلا المنتدى


    تاريخ التسجيل : 14/08/2010
    رقم العضوية : 66
    عدد المساهمات : 1050
    انثى
    الدولة : سوريا

    مميز العذاب ليس له طبقة

    مُساهمة من طرف *نورالشام* الثلاثاء 7 ديسمبر 2010 - 8:21

    مقــال رائع من روائع الدكتور مصطفى محمود


    العذاب ليس له طبقة
    الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى
    لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب.
    و ساكن الزمالك الذي يجد الماء و النور و السخان و التكييف و التليفون
    و التليفيزيون لو استمعت إليه لوجدته يشكو مر الشكوى
    هو الآخر من سوء الهضم و السكر و الضغط
    و المليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به، يشكو الكآبة و الخوف
    من الأماكن المغلقة و الوسواس و الأرق و القلق.
    و الذي أعطاه الله الصحة و المال و الزوجة الجميلة يشك في زوجته الجميلة
    و لا يعرف طعم الراحة.
    و الرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء
    و انتصر في كل معركة لم يستطع أن ينتصر على ضعفه
    و خضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين و انتهى إلى الدمار.
    و الملك الذي يملك الأقدار و المصائر و الرقاب تراه عبدا
    لشهوته خادما لأطماعه ذليلا لنزواته.
    و بطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في العضلات.
    كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر من بعد الفوارق.
    و برغم غنى الأغنياء و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي
    من السعادة و الشقاء الدنيوي متقارب.
    فالله يأخذ بقدر ما يعطي و يعوض بقدر ما يحرم و ييسر بقدر ما يعسر..
    و لو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه و لرأى عدل الموازين
    الباطنية برغم اختلال الموازين الظاهرية..
    و لما شعر بحسد و لا بحقد و لا بزهو و لا بغرور.
    إنما هذه القصور و الجواهر و الحلي و اللآلئ مجرد ديكور خارجي من ورق اللعب..
    و في داخل القلوب التي ترقد فيها تسكن الحسرات و الآهات الملتاعة.
    و الحاسدون و الحاقدون و المغترون و الفرحون
    مخدوعون في الظواهر غافلون عن الحقائق.
    و لو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق
    و لو أدركه القاتل لما قتل و لو عرفه الكذاب لما كذب.
    و لو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس
    و لسعينا في العيش بالضمير و لتعاشرنا بالفضيلة فلا غالب في الدنيا
    و لا مغلوب في الحقيقة و الحظوظ كما قلنا متقاربة في باطن الأمر
    و محصولنا من الشقاء و السعادة متقارب برغم الفوارق الظاهرة بين الطبقات..
    فالعذاب ليس له طبقة و إنما هو قاسم مشترك بين الكل..
    يتجرع منه كل واحد كأسا وافية ثم في النهاية تتساوى الكؤوس
    برغم اختلاف المناظر و تباين الدرجات و الهيئات
    و ليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة و شقاء و إنما اختلاف مواقف..
    فهناك نفس تعلو على شقائها و تتجاوزه و ترى فيه الحكمة و العبرة
    و تلك نفوس مستنيرة ترى العدل و الجمال في كل شيء
    و تحب الخالق في كل أفعاله.. و هناك نفوس تمضغ شقاءها و تجتره
    و تحوله إلى حقد أسود و حسد أكال.. و تلك هي النفوس
    المظلمة الكافرة بخالقها المتمردة على أفعاله.
    و كل نفس تمهد بموقفها لمصيرها النهائي في العالم الآخر..
    حيث يكون الشقاء الحقيقي.. أو السعادة الحقيقية..
    فأهل الرضا إلى النعيم و أهل الحقد إلى الجحيم.
    أما الدنيا فليس فيها نعيم و لا جحيم إلا بحكم الظاهر فقط بينما
    في الحقيقة تتساوى الكؤوس التي يتجرعها الكل.. و الكل في تعب.
    إنما الدنيا امتحان لإبراز المواقف..
    فما اختلفت النفوس إلا بمواقفها و ما تفاضلت إلا بمواقفها.
    و ليس بالشقاء و النعيم اختلفت و لا بالحظوظ المتفاوتة تفاضلت
    و لا بما يبدو على الوجوه من ضحك و بكاء تنوعت.
    فذلك هو المسرح الظاهر الخادع.
    و تلك هي لبسة الديكور و الثياب التنكرية التي يرتديها الأبطال
    حيث يبدو أحدنا ملكاوالآخر صعلوكا و حيث يتفاوت أمامنا المتخم و المحروم.
    أما وراء الكواليس...أما على مسرح القلوب.
    أما في كوامن الأسرار و على مسرح الحق و الحقيقة..
    فلا يوجد ظالم و لا مظلوم و لا متخم و لا محروم..
    و إنما عدل مطلق و استحقاق نزيه يجري على سنن ثابتة
    لا تتخلف حيث يمد الله يد السلوى الخفية يحنو بها على المحروم
    و ينير بها ضمائر العميان و يلاطف أهل المسكنة و يؤنس الأيتام
    و المتوحدين في الخلوات و يعوض الصابرين حلاوة في قلوبهم..
    ثم يميل بيد القبض و الخفض فيطمس على بصائر المترفين
    و يوهن قلوب المتخمين و يؤرق عيون الظالمين و يرهل أبدان المسرفين..
    و تلك هي الرياح الخفية المنذرة التي تهب من الجحيم
    و النسمات المبشرة التي تأتي من الجنة.. و المقدمات
    التي تسبق اليوم الموعود.. يوم تنكشف الأستار و تهتك الحجب
    و تفترق المصائر إلى شقاء حق و إلى نعيم حق..
    يوم لا تنفع معذرة.. و لا تجدي تذكرة.
    و أهل الحكمة في راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم و أهل الله في راحة
    لأنهم أسلموا إلى الله في ثقة و قبلوا ما يجريه عليهم و رأوا في أفعاله
    عدلا مطلقا دون أن يتعبوا عقولهم فأراحو عقولهم أيضا،
    فجمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة القلب و راحة العقل فأثمرت
    الراحتان راحة ثالثة هي راحة البدن.. بينما شقى أصحاب العقول بمجادلاتهم.
    أما أهل الغفلة و هم الأغلبية الغالبة فمازالوا يقتل بعضهم بعضا
    من أجل اللقمة و المرأة و الدرهم و فدان الأرض، ثم لا يجمعون شيئا
    إلا مزيدا من الهموم و أحمالا من الخطايا و ظمأً لا يرتوي و جوعا لا يشبع.
    فانظر من أي طائفة من هؤلاء أنت.. و اغلق عليك بابك و ابك على خطيئتك
    avatar
    SYRIAZAIN
    Admin


    تاريخ التسجيل : 25/12/2009
    عدد المساهمات : 1158
    ذكر
    العمل/المهننة : فني كمبيوتر
    الدولة : سوريا

    مميز رد: العذاب ليس له طبقة

    مُساهمة من طرف SYRIAZAIN الثلاثاء 7 ديسمبر 2010 - 14:35

    العذاب ليس له طبقة 979301

    أبصملك بالعشرة

    كلامك طابو وماعليه غبار
    *نورالشام*
    *نورالشام*
    سندريلا المنتدى
    سندريلا المنتدى


    تاريخ التسجيل : 14/08/2010
    رقم العضوية : 66
    عدد المساهمات : 1050
    انثى
    الدولة : سوريا

    مميز رد: العذاب ليس له طبقة

    مُساهمة من طرف *نورالشام* الأربعاء 15 ديسمبر 2010 - 15:09

    العذاب ليس له طبقة 599604
    أخجلتم تواضعنا

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين 20 مايو 2024 - 6:41